السيميائيات الثقافية نحو مدخل ثقافي لدراسة التراث العربي: شعر الصعاليك نموذجا

الملخص

نسْتَهْدِفُ في هذا البحث بَيَانَ أهميةِ السيميائيات الثقافية في دراسة التـراث، من خلال التركيز على شِعْرِ الصَّعاليك أنموذجا، مع إبراز الآليات السيميوطيقة المميزة للثقافة التي أنتجت هذا الشعر وتحكمت فـي تصورها له، فضلاً عن تفكيك الأنساق المغايرة التي عبَّر عنها الصعاليك.

لتحقيق هذه الأهداف، نقترح الاشتغال على مجموعة من المفاهيم والآليات التي تنتمي إلى حقل السيميائيات الثقافية، مثل مفهومي الثقافة والكون السيميائي، فضلاً عن الآليات التي يقوم عليها العمل السيميائي للثقافة كآلية نمذجة العالم بنائيا ورمزيا، وكذا ضبط وتوجيه سلوك الأفراد ثقافيا، ثُمَّ آليتي الذاكرة والنسيان. لننتقل بعد ذلك إلى نموذجِ شِعْرِ الصّعاليك، مشتغلين على دلالة الصعلكة في الثقافة العربية، التي اخْتَزَلْتْهَا في الفَقْرِ واللُّصُوصِيةِ، بينما رأى فيها الصعاليكُ وجهَ غِنَاهم، باستغنائِهم عن النظامِ العقليِّ القبليِّ الذي لمْ يَعْتَرِفْ باختلافهم. بهذا، ظلوا وشعرهم على هامش الكون السيميائي، بينما احتل الشعراءُ الرسميون مركزَهُ، وهو الأمر الذي آلَ إلى نسيان شعرهم من ذاكرة الثقافة، بوصفه لا-ثقافة ولا-نص وفوضى، لكنه يعبر من المنظور الخارجي عن نظام آخر وأنساق شعرية مغايرة.